وجّه مبارك الفاضل المهدي، رئيس حزب الأمة، اتهامات مباشرة لحزب المؤتمر الوطني، محمّلاً إياه مسؤولية اندلاع الحرب، بعد أن قامت قوات من الجيش، فجر يوم 15 أبريل، بشن هجوم على قوات الدعم السريع في المدينة الرياضية، في عملية قال إنها جرت بأوامر من قيادات إسلامية داخل الجيش، بتنفيذ من عناصر الحركة الإسلامية التي يقودها علي كرتي ويُعتبر علي عثمان طه أحد أبرز وجوهها.
تبدل موقف الفاضل من الجيش جاء بشكل مفاجئ، إذ كان حتى وقت قريب من أبرز الداعمين للقيادة العسكرية في حربها ضد الدعم السريع، كما كان شديد النقد لتحالف قوى الحرية والتغيير، وسبق له نشر مزاعم عن مقتل قائد الدعم السريع، محمد حمدان دقلو (حميدتي).
هذا التغير أثار العديد من التساؤلات، خاصة بعد أن ترددت معلومات تفيد بأن الفاضل كان يطمح لتولي منصب رئيس الوزراء، وعرض ذلك خلال لقائه مع الفريق عبد الفتاح البرهان في بورتسودان، إلا أن رد الأخير لم يكن إيجابياً، ما دفعه لإعادة تموضعه السياسي والتقرب من الدعم السريع وقوى الحرية والتغيير.
وفي يونيو الماضي، زار الفاضل دولة الإمارات في زيارة وصفها بأنها خاصة، مرتبطة بمناسبة أسرية، لكنه أوضح لاحقاً أن الهدف الحقيقي من الزيارة كان سياسيًا. وقال إن جناح الإسلاميين في السودان، بزعامة علي كرتي، تعمّد تخريب العلاقة مع الإمارات، التي وصفها بالشريك الاستراتيجي، مشدداً على أهمية الحفاظ على علاقات قوية معها، نظراً لدورها المحتمل في وقف الحرب والمساهمة في إعادة إعمار البلاد.
وبشأن بداية الحرب، التي اندلعت في أبريل 2023، والتي ظل الغموض يلف سؤال “من أطلق الرصاصة الأولى؟”، أشار الفاضل إلى أن قوات الدعم السريع كانت قد تمركزت في مروي والخرطوم، في وقت خفّض فيه الجيش مستوى استعداده إلى 30% كإجراء لخفض التوتر، ضمن جهود وساطة تقودها قوى الحرية والتغيير وعدد من الحركات المسلحة. وأكد أنه جرى لقاء بين البرهان وحميدتي مساء الجمعة 14 أبريل في منزل رجل الأعمال معاوية البرير، وتم الاتفاق فيه على سحب قوات الدعم السريع من مروي، على أن يُستأنف التفاوض صباح اليوم التالي.
لكن ما جرى فجر السبت غيّر كل شيء، إذ أكد الفاضل أن قوات اللواء الأول مشاة بالباقير هي من بادرت بالهجوم على المدينة الرياضية عند الساعة الثالثة فجراً، مستنداً في ذلك إلى شهادة القائد الراحل للواء، اللواء عوض الكريم، الذي صرّح بذلك خلال مقابلة مع قناة القوات المسلحة قبل استشهاده في ظروف غامضة.
وتساءل الفاضل: من الذي أعطى الأمر بالتحرك العسكري في وقت كان من المفترض أن يُعقد فيه لقاء لاستكمال الاتفاق بين البرهان وحميدتي؟ وأوضح أن القادة العسكريين الكبار، بمن فيهم البرهان ونائبه كباشي، لم يكونوا على علم بالعملية، بل إن بعضهم تفاجأ بها كما تفاجأ بها سكان حي المطار الذين وجدوا أنفسهم في قلب المعركة، وتعرّض بعضهم للأسر.
وبحسب الفاضل، فإن المؤشرات جميعها تقود إلى أن القرار بالهجوم تم اتخاذه من قِبل مجموعة داخل الجيش مرتبطة بالحركة الإسلامية، بعيداً عن القيادة الرسمية، وبهدف إفشال جهود التسوية. وطالب بتشكيل لجنة دولية مستقلة للتحقيق في الجهة المسؤولة عن اندلاع الحرب، ومحاسبة المتورطين عبر إحالتهم إلى المحكمة الجنائية الدولية.