شهد سوق السيارات في السودان قفزات غير مسبوقة في الأسعار خلال الأشهر الماضية، مدفوعًا بتدهور قيمة الجنيه السوداني أمام العملات الأجنبية، وما خلفته الحرب من دمار واسع النطاق طال آلاف السيارات، خصوصًا في الخرطوم ومدن أخرى كود مدني وسنجة، حيث فقد الكثير من المواطنين سياراتهم وممتلكاتهم.
وفي ديسمبر 2024، اتخذ مجلس الوزراء السوداني قرارًا برفع الحظر عن استيراد السيارات، بما في ذلك غير المطابقة لشروط الموديل، وسمح بدخول جميع أنواع المركبات دون تحديد سنة الصنع. ورافق القرار فرض غرامات جمركية تهدف إلى الحد من التأثيرات السلبية على الأسعار. ومع ذلك، لم يؤدِ هذا الانفتاح إلى خفض الأسعار، بل تواصل الارتفاع بشكل حاد.
على سبيل المثال، ارتفعت أسعار سيارات لاندكروزر GX.R موديلات 2021 و2022 إلى ما بين 180 و200 مليون جنيه، بعدما كانت تُباع قبل الحرب بنحو 50 إلى 60 مليون جنيه، حسب حالة السيارة. ويعزو اقتصاديون هذا الارتفاع إلى تراجع المعروض في ظل الطلب المتزايد، بعد فقدان آلاف المركبات بسبب الحرب، إلى جانب الانخفاض الحاد في قيمة العملة المحلية وتدهور القوة الشرائية للمواطنين.
وفي مجموعات التواصل الاجتماعي المخصصة للبيع، تُعرض سيارات بأسعار تضاعفت مقارنة بما كانت عليه قبل الأزمة. على سبيل المثال، تُعرض سيارة هيونداي توسان 2020 كاملة المواصفات – مقاعد كهربائية، نظام بصمة، شاشة أندرويد، تكييف مزدوج – بسعر 80 مليون جنيه، إضافة إلى عمولة قدرها 800 ألف جنيه. وكان سعر هذه السيارة قبل الحرب يتراوح بين 30 و37 مليون جنيه.
كذلك تُعرض سيارة مونتيرو 2016 بناقل حركة أوتوماتيكي، محرك V6، نظام بصمة داخلي وخارجي، مقاعد ومرايات كهربائية، تكييف ثلاثي المراحل، بسعر 45 مليون جنيه مع عمولة 500 ألف جنيه. في حين أن لانسر 2017 ذات المكنة الكبيرة وممشاها 109 آلاف كيلومتر تُعرض بسعر 38 مليون جنيه، مع عمولة 400 ألف.
أما طراز كروزر 2020، نسخة فطيم أصلية بممشًى حقيقي يبلغ 70 ألف كيلومتر، فتُعرض بسعر 200 مليون جنيه، مع عمولة ثابتة قيمتها 2 مليون جنيه.
كل هذه المؤشرات تؤكد أن سوق السيارات في السودان يشهد حالة من الاختلال الكبير، بسبب ندرة المركبات، وزيادة الطلب، وتدهور الاقتصاد، ما خلق واقعًا جديدًا من الأسعار الباهظة التي باتت تفوق قدرة الغالبية العظمى من المواطنين.