طرح بابكر فيصل، القيادي في تحالف “صمود”، ثلاث تصورات لوقف الحرب في السودان، من المتوقع أن تسعى الإدارة الأمريكية، بقيادة الرئيس دونالد ترامب، لتحقيقها خلال اجتماع مرتقب في واشنطن يجمع وزراء خارجية السعودية والإمارات ومصر إلى جانب الولايات المتحدة.
التصور الأول يقوم على فتح قنوات التفاوض المباشر بين السلطتين القائمتين حالياً في بورتسودان ونيالا، بهدف التوصل إلى وقف إطلاق نار واتفاق سياسي يؤدي إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية تشمل الطرفين. ويُعتبر هذا النموذج مشابهاً لما حدث في جنوب السودان، حيث أفضت مفاوضات مماثلة إلى إنهاء القتال مؤقتاً.
أما التصور الثاني، فهو مستلهم من التجربة الليبية، ويعتمد على التوصل إلى اتفاق تهدئة عسكرية، يُبقي كل طرف مسيطراً على الأراضي التي يهيمن عليها حالياً، في ظل حكومتين منفصلتين، وهو سيناريو يُكرس الانقسام ولا يضمن نهاية حقيقية للنزاع.
التصور الثالث، الذي يراه فيصل الخيار الأمثل، يتضمن وقفاً شاملاً للقتال، يعقبه مسار سياسي تشارك فيه القوى المدنية، بما يضمن معالجة جذور الأزمة ويؤسس لسلام دائم. ويؤكد أن هذا السيناريو يتطلب حشداً مدنياً واسعاً قادراً على التأثير والضغط داخلياً وخارجياً، دون تجاهل مصالح القوى الإقليمية والدولية، ولكن في إطار يخدم المصلحة الوطنية.
في ذات السياق، أشار فيصل إلى تصريحات مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للشؤون الإفريقية، مسعد بولس، الذي أعلن في الثالث من يوليو أن واشنطن ستحتضن مؤتمراً وزارياً لبحث سبل إنهاء الحرب في السودان، ضمن إطار مبادرة رباعية تشمل أيضاً السعودية والإمارات ومصر. وبيّن بولس أن واشنطن ترى أن الحل العسكري غير قابل للتحقيق، وأن الحل الوحيد يكمن في مسار سياسي يرضي جميع الأطراف.
وأعرب فيصل عن قلقه من أن استمرار الحرب، وتراجع الإرادة الداخلية لوقفها، قد يُمهّد لتدخل خارجي يفرض حلولاً تستند إلى مصالحه الخاصة، والتي قد تتعارض مع أولويات ومصالح السودانيين. ولفت إلى أن إدارة ترامب، من خلال ما تصفه بـ”الدبلوماسية التجارية”، تسعى لإخماد النزاعات في إفريقيا بما يحقق مصالحها الاقتصادية، وفي مقدمتها السيطرة على الموارد الحيوية مثل المعادن النادرة، في مواجهة التنافس الدولي مع الصين وروسيا.
وأوضح أن دول الرباعية المشاركة في الاجتماع تسعى بدورها لحماية مصالحها الاستراتيجية في السودان، وهو أمر طبيعي في سياق العلاقات الدولية التي تُبنى على منطق المصالح. لكنه حذّر من أن غياب وحدة الرؤية داخل السودان وتشتت القوى الوطنية يفتح الباب أمام حلول مفروضة من الخارج، قد تكرّس أسباب الحرب وتؤدي إلى عودتها في المستقبل.
واختتم فيصل بالقول إن السيناريوهين الأول والثاني لا يقدمان حلولاً مستدامة، بل يمثلان محاولات لتجميد الصراع مؤقتاً دون معالجة أسبابه الجذرية، كما أثبتت تجارب سابقة في ليبيا وجنوب السودان. وأكد أن السيناريو الثالث هو الوحيد القادر على وضع حد دائم للحرب، لكنه يتطلب جهداً مدنياً جاداً لتنظيم مؤتمر جامع يضع أسساً متينة للسلام، ويمنع سيناريوهات التقسيم وحكومات الأمر الواقع، التي من شأنها إعادة إنتاج الصراع.