نفذت الأجهزة الأمنية في مدينة إجدابيا الليبية عملية أمنية دقيقة أسفرت عن اقتحام مزرعة حُوّلت إلى مركز غير شرعي لاحتجاز أكثر من مئة مهاجر غير نظامي من جنسيات متعددة، بينهم نساء ورجال، كانوا محتجزين في أوضاع صادمة وغير إنسانية.
وذكرت مديرية الأمن أن المكان يفتقر لأبسط مقومات الحياة، من تهوية وإنارة، وكان المهاجرون مكدسين داخل غرفة ضيقة بطريقة مأساوية، وقد وصل بهم الحال إلى مشارف الموت بعد أن تُركوا لثلاثة أيام متتالية دون طعام أو ماء، يعانون من العطش والمرض والجوع والخوف والمهانة.
وأشارت التحقيقات إلى أن المحتجزين تعرضوا لتعذيب وحشي، جسديًا ونفسيًا، حيث عُثر على عدد منهم مكبلي الأيدي والأرجل، وقد بدت آثار الجلد واضحة على أجسادهم المنهكة، فيما كانت الدماء تنزف من البعض، بلا أدنى رعاية أو رحمة. ولم يكن أمام الضحايا سوى الصراخ والبكاء والتوسل بلغات مختلفة، عبّروا فيها عن ألمهم وقهرهم، في مواجهة جلادين تجردوا من إنسانيتهم، ودفعتهم المادة إلى التنكيل بالبشر بوحشية صادمة.
وأسفرت العملية عن توقيف سبعة أشخاص يُشتبه في انتمائهم إلى الشبكة الإجرامية التي تدير الموقع، بينهم اثنان من السودان، وآخر مصري، بالإضافة إلى أربعة ليبيين. وكشفت المعلومات أن الغرض من احتجاز المهاجرين كان يتمثل إما في بيعهم لتجار البشر مقابل مبالغ مالية كبيرة، أو تصويرهم أثناء تعرضهم للتعذيب وهم عراة حفاة، بهدف إرسال هذه المشاهد لأهاليهم وابتزازهم مالياً لإطلاق سراحهم، في عملية ممنهجة تتكرر كل مرة.
تم تحرير جميع الرهائن وعددهم 104 مهاجرين، وتم تأمين الرعاية الطبية والنفسية لهم فورًا، ونُقلوا إلى مراكز إيواء مؤقتة بانتظار ترحيلهم إلى أوطانهم بالتنسيق مع الجهات المختصة. كما أكدت السلطات القبض على جميع المشتبه فيهم، وإحالتهم للتحقيق تمهيدًا لتقديمهم للعدالة. وتم في ختام العملية تدمير الموقع بالكامل، ليكون رسالة رادعة لكل من تسوّل له نفسه المتاجرة بالبشر أو الاستهتار بكرامتهم.