تداولت بعض صفحات التواصل الاجتماعي خلال الساعات الماضية أنباءً تزعم أن رئيس دولة جنوب السودان، سلفاكير ميارديت، قد أعلن دعمه لتحالف “تأسيس” الذي يتزعمه محمد حمدان دقلو (حميدتي)، وهنّأه بتوليه منصب “رئيس المجلس الرئاسي” في السودان.
لكن، وفقًا لما رصدته جهات إعلامية مستقلة، فإن هذه المعلومات عارية تمامًا عن الصحة، وتندرج ضمن موجة تضليل إعلامي تستهدف التأثير على الرأي العام السوداني.
منصات مجهولة المصدر تُروج للمعلومة الزائفة
المحتوى المضلل تم نشره من قبل صفحات غير موثوقة ومصادر مجهولة، منها:
- صفحة “لجان المقاومة السودانية” (216 ألف متابع)
- “أشاوس كردفان ودارفور” (نحو 206 آلاف متابع)
- حسابات فردية مثل “إدريس ياسر إدريس” و”السودان في قلب الإمارات”
ما يلفت الانتباه هو أن المنشورات جميعها استخدمت نصًا موحدًا وبنفس الصيغة، ما يشير إلى تنسيق مدبر خلف الحملة، ويطرح تساؤلات حول الجهات التي تقف وراءها.
الحقائق الرسمية تنفي تمامًا صحة الادعاء
مرصد إعلامي محايد، متخصص في مكافحة الشائعات وتدقيق المحتوى الرقمي المتعلق بالسودان، أكد بعد التحقق أن سلفاكير لم يصدر عنه أي بيان رسمي يدعم حكومة “تأسيس”، وذلك بعد مراجعة:
- الحسابات الرسمية لرئاسة جنوب السودان
- الموقع الرسمي لوزارة الخارجية والتعاون الدولي
- وكالة أنباء جنوب السودان الرسمية
- التصريحات المعتمدة الصادرة عن مسؤولي جوبا
كما لم يتم تداول أي مضمون مشابه عبر وسائل الإعلام الإقليمية أو الدولية الموثوقة، وهو ما يُثبت زيف الادعاءات بشكل قاطع.
السياق السياسي: محاولة لصناعة اعتراف خارجي وهمي
تأتي هذه الشائعة ضمن سلسلة محاولات لتشكيل واقع إعلامي مصطنع من قبل منصات محسوبة على تحالف “تأسيس” وقوات الدعم السريع، تسعى لإظهار دعم دولي أو إقليمي مزعوم لحراكها السياسي.
ويبدو أن الهدف الأساسي هو إضفاء شرعية زائفة على إعلان محمد حمدان دقلو كرئيس لكيان رئاسي غير معترف به، وذلك من خلال إقحام أسماء زعماء دول الجوار في بيانات مفبركة، لإيهام الجمهور بوجود دعم سياسي خارجي.
سلفاكير يلتزم بالحياد ويدعم الوساطة لا الانحياز
في آخر تصريح رسمي له بتاريخ 16 يوليو 2025، شدد الرئيس سلفاكير على أهمية استمرار العلاقات بين السودان وجنوب السودان، وأكد أن جوبا تواصل استقبال اللاجئين السودانيين، وتحرص على تسهيل التعاون في ملفات التجارة والحدود.
كما أكد التزام جنوب السودان بـ”الحياد الإيجابي” ودورها كوسيط في جهود إحلال السلام، وهو ما يتعارض تمامًا مع الادعاءات المتداولة حول دعمه لتحالف سياسي موازٍ في الخرطوم.
المجتمع الدولي يرفض الاعتراف بأي كيان خارج الإطار الرسمي
تتمسك غالبية الدول الإقليمية والدولية بعدم الاعتراف بأي كيان سياسي خارج الإطار الانتقالي والمؤسسات الرسمية المعترف بها دوليًا. وتُعد جنوب السودان من الدول الرئيسية الراعية لمفاوضات السلام السودانية، ما يجعلها حريصة على عدم الانحياز، حفاظًا على مصداقية دورها في الوساطة.
خلاصة: ادعاءات مفبركة تفتقد الدليل
لا يوجد أي دليل رسمي أو موثوق يثبت صحة ما نُشر عن دعم سلفاكير لتحالف “تأسيس”، بل تُظهر الحقائق أنها مجرد شائعة مدروسة الهدف والتوقيت، تصب في خانة التضليل الإعلامي في سياق نزاع سياسي حساس.
ينبغي توخي الحذر والتحقق من مصادر الأخبار قبل تداولها، خاصة تلك التي تتعلق بالأمن والاستقرار في السودان والمنطقة، مع الاعتماد على المصادر الموثوقة والمؤسسات الإعلامية المعترف بها.