في تحول مفاجئ يحمل دلالات عميقة، أفادت مصادر بأن تلفزيون السودان استأنف بثه الرسمي مجددًا الأربعاء، وذلك من أستديوهاته الرئيسية بمدينة أم درمان، بعد توقف قسري استمر أكثر من عامين بسبب الحرب. أظهرت مقاطع مصورة لحظات الانطلاقة الجديدة، وسط حضور تقني وإعلامي محدود، لكنه مثقل بالرسائل السياسية والرمزية.
وفق معلومات حصلنا عليها ” النوارس ” جاءت عودة البث بعد جهود مطولة استهدفت إعادة تأهيل البنية التحتية المتضررة، بما في ذلك إصلاح أنظمة النقل والإرسال، وتوفير حد أدنى من الحماية الأمنية للعاملين، في بيئة لا تزال تشهد اضطرابات ميدانية وتعقيدات لوجستية مستمرة.
يُنظر إلى هذه الخطوة باعتبارها أكثر من مجرد استعادة بث لقناة رسمية؛ فهي تمثل – وفق مراقبين – محاولة جريئة لإعادة الدولة إلى فضائها الإعلامي، بعد أن سيطرت القنوات الخاصة والمنصات الرقمية على المشهد لأكثر من 24 شهرًا، في ظل فراغ رسمي كبير.
ورغم هذا التطور اللافت، تواجه الهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون تحديات جسيمة تهدد استدامة البث، من أبرزها التمويل المحدود، ضعف البنية التقنية، التهديدات الأمنية المستمرة، إلى جانب صعوبة استقطاب الكفاءات في سوق يشهد تنافسًا شرسًا مع الإعلام الرقمي والمنصات الاجتماعية، التي أصبحت المصدر الأول للأخبار لدى ملايين السودانيين داخل وخارج البلاد.
عودة تلفزيون السودان تمثل رهانًا محفوفًا بالمخاطر، لكنها أيضًا إشارة إلى أن الحضور المؤسسي للدولة لا يزال ممكنًا حتى في أشد لحظات الانهيار، وسط تساؤلات عديدة حول قدرة القناة على الاستمرار في تقديم محتوى موثوق ومواكب، في عصر لا ينتظر أحد.