أفادت مصادر مصرفية مطلعة أن بنك “يو بي إس” السويسري قام برفع سقف توقعاته لأسعار الذهب بشكل مفاجئ، في خطوة تعكس تصاعد القناعة العالمية بأن المعدن الأصفر لم يعد مجرد أداة تحوط، بل بات مؤشراً صارخاً على هشاشة النظام المالي العالمي.
يتوقع البنك أن تصل الأسعار إلى 3700 دولار للأونصة بحلول الربع الثالث من 2026، في تعديل صاعد لافت مقارنة بالتوقعات السابقة.
هذا التوجه الجديد يأتي في وقت تتفاقم فيه المخاطر الجيوسياسية والمالية، وسط شكوك متزايدة حول قدرة البنوك المركزية على احتواء التضخم المتصاعد، خاصة في الولايات المتحدة. وقد أظهرت مقاطع مصورة من مؤتمر اقتصادي دولي، اهتماماً غير مسبوق من كبار المستثمرين المركزيين بالذهب، في مؤشر واضح على تحول استراتيجي نحو أصول أكثر أمانًا.
السياسات الأميركية في دائرة التأثير
التقارير الأخيرة تشير إلى أن مجرد تداول شائعات عن فرض رسوم جمركية أميركية على واردات الذهب كان كافيًا لرفع حساسية السوق. رغم نفي البيت الأبيض لهذه المزاعم، فإن تداعياتها أكدت أن الذهب بات شديد التفاعل مع القرارات السياسية الأميركية، في ظل استمرار الحرب في أوكرانيا وتوترات تجارية متصاعدة.
أدوات التحوط تعود إلى الواجهة
بحسب تقرير نشرته شبكة “سي إن بي سي”، فإن توقعات “يو بي إس” الجديدة ترى أن سعر الذهب سيبلغ 3500 دولار بنهاية 2025، ثم 3600 في مارس و3700 في سبتمبر 2026، مدعومًا بعوامل أساسية أبرزها ضعف الدولار، تباطؤ النمو، وقيود الهجرة، التي تضغط على الاحتياطي الفيدرالي لتخفيف السياسة النقدية.
المؤسسات تتجه للذهب.. والأفراد يلحقون
أفادت مصادر مطلعة أن مشتريات البنوك المركزية من الذهب، خصوصاً في الصين والهند وتركيا، سجلت أرقامًا غير مسبوقة خلال العامين الماضيين، بهدف تنويع الاحتياطيات وتقليل الاعتماد على الدولار. ووفق بيانات حصلت عليها وكالة “رويترز”، فإن الذهب أصبح ثاني أكبر أصل احتياطي عالميًا، متجاوزًا اليورو.
ثقة متآكلة.. ونظام مالي تحت المجهر
الرئيس التنفيذي لمركز كوروم، طارق الرفاعي، أوضح أن رفع التوقعات السعرية للذهب يعود إلى فقدان الثقة في البنوك المركزية العالمية، بالتزامن مع بلوغ مستويات الدين العام ذروتها مقارنة بالنمو. وأشار إلى أن رفع أسعار الفائدة يزيد من عبء خدمة الديون، ما يدفع الحكومات للبحث عن بدائل تحفظ استقرارها المالي.
مؤشرات السوق تؤكد الاتجاه التصاعدي
في استطلاع شمل 40 محللًا ماليًا، توقعت أغلبية المشاركين وصول الذهب إلى 3400 دولار بحلول 2026، فيما يرى محللون مستقلون أن حاجز الـ4000 دولار ليس ببعيد، في حال استمرت الأزمات التضخمية وتصاعدت الضغوط على الدولار الأميركي.
الذهب يتحول من أداة إلى “إشارة”
في قراءة لافتة، اعتبر محللون أن الذهب لم يعد مجرد مخزن للقيمة، بل بات يمثل إشارة مبكرة على اهتزاز الثقة بالنظام المالي العالمي، خاصة مع ارتفاع العجز وتزايد السياسات الحمائية حول العالم. كل تلك العوامل، بحسب خبراء، تؤكد أن صعود الذهب لم يصل بعد إلى ذروته.