في تطور مفاجئ قد يعيد رسم مشهد الحرب في السودان، أفادت مصادر مطلعة أن تحالف “صمود” بقيادة رئيس الوزراء الأسبق عبد الله حمدوك، أعلن ترحيبه بمبادرة أمريكية غير مسبوقة لوقف الحرب، جاءت عقب لقاء مطوّل جرى في سويسرا بين قائد الجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان ومستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مسعد بولس، وسط تنسيق إقليمي قادته تركيا.
ووفقًا للمعلومات التي حصل عليها موقع ” النوارس ” ، فإن هذا اللقاء، الذي استغرق أكثر من ثلاث ساعات، جاء بطلب مباشر من واشنطن، وتم الترتيب له خلال زيارة سرية للمسؤول الأمريكي إلى إسطنبول، حيث اجتمع مع وزير الخارجية التركي. وقد جرى التنسيق عبر مكالمة هاتفية ثلاثية ضمت البرهان وبولس ومسؤولين أتراك، ما يعكس تحوّلًا ملحوظًا في مواقف بعض العواصم الإقليمية.
التحالف السوداني المعارض ثمّن ما وصفه بـ”الجهود الجادة” لدفع عملية السلام، واعتبر المبادرة الأمريكية “خطوة مهمة تمهّد لحل سياسي شامل”، داعيًا إلى لقاء مباشر بين طرفي الحرب في أقرب وقت لإنهاء ما وصفه بـ”الوضع الكارثي الذي يهدد بقاء الدولة”.
وبحسب مصادر سياسية تحدثت إلينا، فإن البرهان أبلغ الوفد الأمريكي رفضه التام لأي تسوية تتيح مشاركة قوات الدعم السريع في السلطة، بينما عبّر بولس عن رغبة إدارة ترامب في إعادة تفعيل التعاون الأمني مع الخرطوم، خاصة في ملفات مكافحة الإرهاب.
في موازاة ذلك، ناقش الطرفان سبل تقليل التوتر المتصاعد بين السودان والإمارات، ودعت واشنطن أبوظبي إلى التوقف عن دعم قوات الدعم السريع، بحسب ما نقلته قناة “العربية” عن مصادرها.
المبادرة، التي جاءت في وقت يشهد السودان انهيارًا إنسانيًا واقتصاديًا غير مسبوق، لاقت دعمًا واضحًا من تحالف صمود، الذي وجه “نداء للوحدة الوطنية”، داعيًا جميع القوى السياسية والشعبية إلى تجاوز الخلافات، مؤكدًا أن “القتال لا يحقق مكاسب لأي طرف بل يكرّس الخسائر للجميع”.
ويتوقع مراقبون أن يسهم الانخراط الأمريكي – التركي في تهيئة مناخ تفاوضي جديد، قد يُمهّد الطريق لوقف إطلاق النار وبداية مفاوضات سياسية مباشرة، وسط تفاؤل مشوب بالحذر من نكوص بعض الأطراف عن التزاماتها أو استمرار التدخلات الخارجية.
الرسائل السياسية التي حملها اللقاء بين البرهان والمبعوث الأمريكي تشير إلى انفتاح أمريكي غير معتاد على ملفات السودان، بالتزامن مع استعداد قوى المعارضة، وعلى رأسها حمدوك، للمضي في مسار التسوية، وهو ما قد يُمهّد لانعطافة تاريخية في الأزمة الممتدة.