منذ إعلان تعيينه عضواً في المجلس الرئاسي وحاكماً لإقليم العاصمة المثلثة ضمن الحكومة الموازية التابعة لقوات الدعم السريع تحت مظلة “تحالف تأسيس”، أصبحت عبارة “تعال كان تقدر” تتردد في أذن فارس النور باستمرار. لم تكن العبارة مجرد كلمات، بل مثّلت تهديداً صريحاً ورسالة إقصاء تهدف إلى منعه من العودة إلى وطنه أو حتى الحلم بالاقتراب منه.
وبينما تأمل في خلفيات هذه العبارة، أدرك فارس أن من يرددونها ينتمون إلى ثلاث فئات رئيسية: الأولى، من أسماهم بـ”الكيزان”، الذين استغلوا الخطاب الديني للهيمنة على البلاد وتحويلها إلى سجن كبير باسم الشريعة. الثانية، تجار الحروب الذين باعوا الوطن بحثاً عن سلطة عابرة. والثالثة، وهي الفئة التي أبدى حزنه العميق تجاهها، بعض أبناء الوطن الذين انساقوا خلف ذات الخطاب دون وعي، وهتفوا مع المستبدين دون إدراك أن من يصفق اليوم قد يكون ضحية الغد.
وأشار إلى أن هذه الفئة الأخيرة لا تدرك أن الشعارات التي ترفع باسم الطهر والوطن ليست سوى غطاء لاستبداد قادم، وأن التماهي مع الطغيان يؤدي إلى القمع والحرمان من الحقوق، بل وربما إلى العقاب على مجرد ضحكة أو فكرة حرة.
وتساءل فارس بوضوح: هل الهدف من هذه الحماسة هو بناء وطن يتسع للجميع، أم مجرد إرضاء لنزعات شخصية؟ هل نحن نبحث عن دولة تقوم على قيم العدالة، أم نعيد إنتاج ذات منظومة القمع تحت عناوين جديدة؟
وأوضح أن العبارة “تعال كان تقدر” وُجِّهت لكل من وقف ضد القمع، من ثوار ديسمبر، إلى السياسيين الشرفاء، إلى المواطنين الذين واجهوا التهجير، وحُرموا من السفر أو أبسط حقوقهم مثل تجديد الجواز.
وبيّن أن حملات التشويه التي تلاحقه منذ صدور بيانه ليست مفاجئة، إذ تقودها جهات مأزومة تحاول تصوير موقفه الوطني كخيانة أو خضوع لقوى خارجية، رغم أن جوهر موقفه يعكس التزاماً صريحاً بمبادئ العدالة وحقوق الإنسان.
وفي هذا السياق، دافع عن قراره بإعادة بناء كنيسة الخمسينية التي هُدمت، مؤكداً أن ذلك ليس خروجاً عن الإسلام، بل تأكيد على جوهره، القائم على التسامح والعدل واحترام الآخر. كما يعبر عن رؤية تحالف تأسيس، الذي يؤمن بدولة مدنية شاملة، تضمن حقوق جميع مواطنيها بلا تمييز ديني أو عرقي أو مناطقي.
هذه الرسالة، كما يراها فارس، ليست دفاعاً عن شخصه، بل دعوة للتفكر: هل نريد وطنًا يتسع للجميع، أم نعيد أنفسنا إلى دائرة الإقصاء؟