متابعات – النوارس – تمر مدينة النهود بواحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في تاريخها، حيث تدهورت الأوضاع بشكل خطير وسط غياب تام لأي استجابة فعلية من الجهات المعنية، في وقت تتصاعد فيه الانتهاكات الأمنية وتتفاقم المعاناة اليومية للسكان.
ووفق إفادات غرفة طوارئ دار حمر، فإن المدينة تعيش في عزلة شبه كاملة بعد أن قامت قوات الدعم السريع بقطع خدمات الإنترنت والاتصالات بشكل كلي، وهو ما يُعد محاولة واضحة للتعتيم على ما يحدث من تجاوزات وانتهاكات بحق المدنيين، ومنع نقل الصورة الحقيقية لما يجري للعالم الخارجي.
هذا الانقطاع فرض شللًا تامًا على المدينة، إذ تعذر على المواطنين التواصل مع ذويهم أو التنسيق لاستلام المساعدات، كما أُصيبت الخدمات البنكية بالجمود، مما ضاعف من أزمة السيولة النقدية وأدى لانهيار كامل في القدرة الشرائية. العائلات، خصوصًا من أصحاب الدخل المحدود، وجدت نفسها عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، وسط تفشي الفقر والجوع بصورة غير مسبوقة.
وفي سياق متصل، تواجه المدينة كارثة متصاعدة في قطاع المياه، بعد تعطل معظم المحطات وتخريب الخط الرئيسي الناقل، ما أدى لانعدام المياه الصالحة للشرب بشكل شبه كامل. الأزمة طالت المناطق الريفية المجاورة ومواقع النازحين، ما يزيد من احتمالية تفشي أوبئة خطيرة مثل الكوليرا والتيفوئيد في ظل غياب أي تدخل صحي فاعل.
كما تعاني المدينة من حصار داخلي خانق بعد إغلاق كل الطرق والممرات التي كانت تُستخدم للهروب من مناطق النزاع. العديد من الأسر باتت محاصرة داخل النهود دون خيار آمن للنزوح، بينما امتدت المداهمات المسلحة إلى قرى كانت تُصنف بأنها آمنة، ووقعت حالات تصفية جسدية واعتداءات مباشرة على السكان، مما ضاعف من منسوب الخوف والرعب.
الوضع الأمني المتدهور أدى إلى موجة نهب وسلب شاملة، حيث تم الاستيلاء على المخازن التجارية التي تحتوي على مواد غذائية وأدوية، إلى جانب اقتحام المنازل، وسرقة المحال، ومراكز تجمعات النازحين، ولم تسلم حتى المواشي والدواجن من أيدي النهابين، مما فاقم من الانهيار المعيشي.
وتُعد مشاهد تكدس الجثث في عدة مواقع داخل المدينة من بين أكثر المؤشرات المروعة على حجم الكارثة، حيث أبلغت غرفة الطوارئ عن تراكم جثث في مناطق مثل شرق سوق المطار، وشمال وشرق طرمبة نبتة، وبجوار مصنع الثلج، وعند مدخل غزة، دون أن تتوفر أي خدمات دفن أو رعاية طبية، ما ينذر بوقوع كارثة صحية وبيئية خطيرة.
وفي ظل هذا الواقع القاتم، أطلقت غرفة طوارئ دار حمر نداءً عاجلًا إلى المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية، مطالبةً بتدخل فوري لفك الحصار الإعلامي والإنساني المفروض على المدينة، وتسهيل دخول الإغاثات العاجلة، وفتح ممرات آمنة لإجلاء العالقين والجرحى، والعمل على وقف الانتهاكات المتواصلة التي تهدد حياة الآلاف من المدنيين الأبرياء.