النوارس نيوز
عين الحقيقة

نذر مواجهة إقليمية… السودان يرفض طلب إثيوبيا ويقترب من محور مضاد في القرن الإفريقي

في تطور يحمل أبعادًا جيوسياسية وأمنية دقيقة، رفض رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان بشكل غير مباشر طلبًا رسميًا من رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، التمس فيه حياد السودان في حال اندلاع مواجهة إقليمية محتملة بين إثيوبيا من جهة، وإريتريا وجبهة تحرير تيغراي من جهة أخرى.

 

وبحسب تقرير نشرته صحيفة “أفريكا إنتلجنس” الفرنسية ذات الصلة بالمؤسسات الاستخباراتية، فإن وفدًا إثيوبيًا رفيع المستوى زار مدينة بورتسودان في يونيو الماضي، حاملاً رسالة شخصية من آبي أحمد، نقلها مدير المخابرات الإثيوبي رضوان حسين ومستشار رئيس الوزراء لشؤون شرق إفريقيا غيتاشو رضا.

 

تضمنت الرسالة مطالبة السودان بعدم دعم أي طرف في النزاع المحتمل، إضافة إلى عدم السماح باستخدام منطقة الفشقة كقاعدة لوجستية لأي عمليات عسكرية. ومع ذلك، لم يصدر من الخرطوم أي موقف رسمي، وهو ما فُسّر دبلوماسيًا على أنه رفض ضمني للمقترح الإثيوبي.

 

 

مصادر مطلعة أكدت أن الموقف السوداني نابع من استياء رسمي متصاعد إزاء السياسة الإثيوبية، لا سيما بعد استقبال أديس أبابا لقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي” أواخر عام 2023، وهو ما اعتبرته الخرطوم دعمًا موجهًا لمجموعة مسلحة خارجة عن سلطة الدولة.

 

 

كما تصاعد الغضب السوداني عقب إعلان إثيوبيا عن تدشين المرحلة التشغيلية لسد النهضة في سبتمبر 2025، وهو تطور تنظر إليه الخرطوم على أنه تهديد مباشر للأمن المائي القومي.

 

 

في أعقاب زيارة الوفد الإثيوبي، لوحظ أن التصريحات الرسمية غابت عن الإشارة لأي لقاءات مع القيادة السودانية، وهو ما اعتبره مراقبون مؤشرًا على التوتر المتصاعد بين البلدين.

 

 

بالتزامن، تحدثت تقارير استخباراتية عن تحركات يقودها تحالف إثيوبي-إماراتي يهدف إلى زعزعة استقرار الإقليم، وتحديدًا عبر افتعال أزمة مع إريتريا بهدف تأمين منفذ بحري استراتيجي على البحر الأحمر.

 

 

على الجانب الآخر، تتزايد المؤشرات حول تشكّل محور إقليمي مضاد يضم السودان، مصر، الصومال، وإريتريا، في إطار ترتيبات دفاعية غير معلنة لمواجهة أي تحرك إثيوبي قد يهدد أمن المنطقة. ورغم غياب التصريحات الرسمية، إلا أن التحركات العسكرية تشير إلى وجود تنسيق يجري خلف الكواليس.

 

 

إريتريا بدورها لم تلتزم الصمت، إذ أصدرت وزارة الإعلام بيانًا اتهمت فيه الحكومة الإثيوبية بمحاولة افتعال أزمة إقليمية من خلال توجيه رسائل إلى عدد من قادة الدول تتحدث عن “استفزازات متكررة” من الجانب الإريتري، وهو ما وصفته أسمرة بأنه تمهيد عدائي لمواجهات عسكرية تسعى إليها أديس أبابا.

 

هذه التطورات تأتي في لحظة حرجة للسودان، الذي يعاني من أزمات داخلية معقدة في ظل الصراع المسلح والانهيار الاقتصادي. ومع تصاعد التوترات في البحر الأحمر والقرن الإفريقي، تبدو خيارات السودان محدودة، ويبدو أن الحياد الذي التزمت به الخرطوم في أزمات سابقة قد لا يكون مطروحًا هذه المرة، في ظل واقع إقليمي متغير يعيد رسم خريطة التحالفات والنفوذ.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.