أكد خالد عمر يوسف، المعروف بـ”خالد سلك” والقيادي في تحالف “صمود”، أن التصريحات الأخيرة التي أدلى بها أحمد هارون، رئيس حزب المؤتمر الوطني المكلّف، تعكس حقيقة ما يدور في السودان منذ بداية الحرب، موضحًا أن ما جاء في مقابلته مع وكالة رويترز لا يُعدّ مفاجئًا، بل يُعيد التأكيد على ما ظل التحالف يحذر منه مرارًا، وهو أن الصراع الحالي يخدم بقاء الحركة الإسلامية وليس مصلحة الدولة السودانية.
وفي منشور عبر صفحاته الرسمية، أشار سلك إلى أن اعتراف هارون بدعمهم للجيش “لأجل بقائهم” يكشف عن طبيعة هذه الحرب باعتبارها وسيلة لحماية التنظيم الإسلامي، وليس للدفاع عن السودان، مضيفًا أن مطالبة هارون بإبقاء السلطة السيادية في يد الجيش تمثل إعادة إنتاج للأزمة السياسية التي تعاني منها البلاد منذ سنوات، لا خطوة نحو حل شامل.
التقرير الذي نشرته وكالة رويترز ونُقل عنه سلك، تضمن أيضًا دعوة هارون إلى إجراء استفتاء لاختيار من يقود المرحلة المقبلة، إلى جانب كشفه عن حجم مشاركة أعضاء الحركة الإسلامية في العمليات العسكرية، سواء داخل القوات المسلحة، أو في صفوف الكتائب والمخابرات، إضافة إلى تدريب مئات الآلاف من الأفراد ضمن حملات التعبئة.
وطرح سلك تساؤلات للرأي العام حول الخطاب السائد طيلة عامين، متسائلًا عمّا إذا كان من روجوا لما سُمي “حرب الكرامة” سيخرجون اليوم للاعتذار عن التضليل والخداع، مؤكدًا أن تحالفه لم ينخدع بالشعارات ولم يتراجع عن قول الحقيقة رغم الضغوط والترهيب.
في سياق متصل، اعتبر الصحفي ضياء الدين بلال أن رسائل هارون تعكس تحوّلًا في خطاب المؤتمر الوطني، ورغبة واضحة في إعادة التموضع ضمن المشهد السياسي الراهن.
وأوضح أن أبرز الرسائل تمثلت في التأكيد على أن الحزب ليس امتدادًا لتنظيم عالمي، وأن العودة إلى الحكم لا تتم إلا عبر صناديق الاقتراع، مع الإشارة إلى دوافع وطنية وراء مشاركة شباب الإسلاميين في الحرب، إضافة إلى دعم دور متوازن للجيش في المستقبل، ومساندة استمرار الفريق البرهان خلال المرحلة الانتقالية عبر استفتاء شعبي.
واعتبر بلال أن هذه المقاربة تمثل محاولة لتقديم تطمينات للقوى المدنية، عبر طرح يتجه نحو التنافس السياسي بدلاً من المواجهة العسكرية، وهو ما يمكن أن يفتح الباب نحو حوار أوسع وإعادة بناء الثقة بين الحزب والمجتمع والجيش.
أما الصحفي طارق عثمان، فرأى أن تصريحات هارون تعكس تغيرًا في مواقف بعض الأطراف الإقليمية والدولية، مشيرًا إلى تحولات مشابهة حدثت في تجارب دولية أخرى، مثل صعود طالبان إلى الحكم وتحول الجولاني من “إرهابي” إلى طرف سياسي. وأشار إلى أن عودة المؤتمر الوطني إلى الساحة السياسية عبر انتخابات ديمقراطية لم تعد سيناريو مستبعدًا، في ظل تراجع الأيديولوجيا أمام اعتبارات المصالح الإقليمية والدولية.
ورغم الطرح السياسي الواضح في تصريحات هارون، لا يزال الشارع السوداني منقسمًا بشدة حول مستقبل الإسلاميين، خاصة في ظل الذاكرة المؤلمة لتجربة حكمهم السابقة، والتعقيدات الأمنية والسياسية التي فرضها النزاع المسلح.
وفي ظل هذا الانقسام، تبقى الأسئلة الكبرى قائمة: هل نحن أمام بداية حقيقية لحوار وطني شامل؟ أم أن هذه التصريحات مجرد محاولة سياسية لإنقاذ الحزب من التهميش والقطيعة في لحظة ارتباك داخلية وعزلة إقليمية؟