متابعات – النوارس – عيّن الاتحاد الأوروبي الدبلوماسي الألماني فولفرام فيتر ممثلًا جديدًا له في السودان، في خطوة تعكس بوادر تحوّل ملحوظ في نهج بروكسل تجاه السلطة القائمة في بورتسودان. ويخلف فيتر السفير الأيرلندي آيدان أوهارا، الذي يستعد لتولي منصب سفير بلاده لدى القاهرة، حيث تواصل بعثة الاتحاد الأوروبي الخاصة بالسودان مزاولة مهامها حاليًا.
يحمل فيتر سجلًا حافلًا في العمل الدبلوماسي داخل القارة الأفريقية، إذ تولى سابقًا رئاسة بعثة الاتحاد الأوروبي في بوركينا فاسو حتى عام 2023، قبل أن ينتقل إلى المقر المركزي للاتحاد في بروكسل، ما يمنحه خلفية معمقة حول التحديات السياسية والإنسانية في المنطقة.
يأتي تعيينه في وقت تشهد فيه السياسات الأوروبية تحولات لافتة تجاه السودان، حيث تدرس عدة عواصم أوروبية، من ضمنها روما ولاهاي، الانخراط في سياسة جديدة تتبنى “مقاربة واقعية قائمة على المصالح”، بهدف إعادة قنوات الحوار مع السلطة الانتقالية المدعومة من الجيش، بعد قطيعة استمرت منذ انقلاب عام 2021.
وتسعى هذه المقاربة الجديدة إلى تحقيق توازن دقيق بين دعم المساعدات الإنسانية، والمساهمة في استئناف العملية الانتقالية، والتصدي لاحتمالات انزلاق السودان نحو تحالفات استراتيجية مع قوى مثل روسيا وإيران. ويتقاطع هذا التوجه مع تعيين الدكتور كامل الطيب إدريس رئيسًا للوزراء في مايو الماضي بقرار من رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، في خطوة بدت كمحاولة لإضفاء طابع مدني على السلطة الانتقالية.
ورغم بدء تواصل محدود بين مسؤولين أوروبيين والقيادة العسكرية في بورتسودان، لا يزال الاتحاد الأوروبي ككيان مؤسسي يتجنب اتخاذ موقف رسمي واضح بشأن شرعية الحكومة المرتقبة، في وقت كان فيه المبعوث السويسري سيلفان أستييه الوحيد من بين المسؤولين الغربيين الذي عقد لقاءً مباشرًا مع إدريس.
أما السفير المنتهية ولايته، آيدان أوهارا، فقد حرص خلال فترة عمله على التمسك بسياسة “الحياد الصارم” في التعامل مع أطراف النزاع بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع، إلا أن هذا النهج، وفقًا لتقارير مراقبين، ساهم في تباطؤ جهود الوساطة الأوروبية، وأضعف فرص دفع عملية سلام فعالة.
من جهة أخرى، يواصل الاتحاد الأوروبي تقديم الدعم الإنساني عبر مديرية الحماية المدنية والمساعدات الإنسانية (DG ECHO)، في ظل ظروف معقدة تتطلب تنسيقًا مزدوجًا مع مؤسسات تابعة لكل من الجيش والدعم السريع. ورغم هذه التعقيدات، لا تزال الأمم المتحدة تحتفظ باعترافها الرسمي بعبد الفتاح البرهان كرئيس للدولة.
وفي سياق موازٍ، أثار أداء المبعوث الأممي إلى السودان رمطان لعمامرة موجة انتقادات حادة، حيث طالبت رسالة مفتوحة وقّعها مئات الناشطين والسياسيين السودانيين منتصف يونيو بإقالته، متهمين إياه بالتحيز لصالح الجيش، وفشله في تحقيق أي اختراق يُذكر على صعيد مسار التسوية السياسية، منذ تعيينه قبل ما يقارب العام والنصف.