النوارس نيوز
عين الحقيقة

إكتمال عامين من حرب السودان.. أين مبابي ؟

متابعات - النوارس

متابعات – النوارس  –  يصادف يوم الثلاثاء 15 أبريل 2025 مرور عامين على اندلاع الحرب الأهلية في السودان بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع، وهي حرب أفرزت واحدة من أكبر موجات النزوح في العالم، مع تهجير أكثر من 12.7 مليون شخص من منازلهم.

 

 

وسط الدمار والمعاناة، وجد البعض بصيص أمل في كرة القدم، وتحديدًا في فريقي ريال مدريد وبرشلونة، حتى أن خبر انتقال كيليان مبابي إلى ريال مدريد بعد أشهر من اندلاع الحرب، كما أوردت صحيفة “ماركا”، شكّل لحظة ضوء نادرة في عتمة الحرب.

 

 

الحدود الغربية للسودان أصبحت الممر الرئيسي للفارين من ويلات الحرب، والوجهة في الغالب تكون تشاد، واحدة من أفقر دول العالم. ووفقًا لـ”ماركا”، فقد عبر أكثر من 700 ألف شخص من دارفور إلى تشاد خلال العامين الماضيين، لينضموا إلى نصف مليون لاجئ سوداني كانوا هناك منذ ما قبل الحرب.

 

هؤلاء يعيشون في ظروف مأساوية من فقر مدقع، ونقص حاد في الخدمات الأساسية، وتفشٍ للأمراض وسوء التغذية، وسط أجواء من العنف وانعدام الأمان.

 

النجاة أصبحت هدفًا يوميًا لآلاف العائلات، وكل يوم يحمل في طياته تحديات جديدة. في مخيمات اللجوء، تتناوب مشاهد الأمل والبطولة مع مآسي النزوح، وتصبح لحظات اللعب أو الضحك مجرد استراحة مؤقتة من واقع مرير. من بين هؤلاء الأطفال، يبرز مازن ومعاذ، شقيقان يقضيان طفولتهما في بلدة أدري على الحدود التشادية، بعيدًا عن مسقط رأسيهما في السودان.

 

 

مازن، البالغ من العمر 12 عامًا، من مدينة الجنينة، وهو الأكبر بين ستة إخوة. يعيش منذ قرابة عامين في المخيم، ويشاركه المأوى اثنان من أبناء خالته، بينما عادت خالته إلى السودان بحثًا عن زوجها المفقود.

 

 

رغم بساطة الحياة وصعوبتها، يرى مازن في يومه شيئًا من الجمال، إذ يقضيه ما بين مساعدة والدته ولعب كرة القدم، التي أصبحت جزءًا أساسيًا من واقعه اليومي. يؤكد مازن أن مركزه المفضل هو الظهير، وأنه مشجع وفيّ لريال مدريد، ولا يزال كريستيانو رونالدو نجمه الأول، رغم أنه لم يعد ضمن الفريق، مشيرًا بفخر إلى شعار النادي المرسوم على بنطاله.

 

 

يتحدث مازن عن ظروف اللعب في المخيم، وكيف أن بعض الأطفال تمكنوا من شراء كرة جلدية رغم كونها مفرغة من الهواء، ليستخدموها في مبارياتهم اليومية. تبدأ مبارياتهم بعد الثالثة عصرًا، وقبل غروب الشمس يتركون الملعب للكبار.

 

 

يتذكر مازن كيف كان يشاهد مباريات ريال مدريد بانتظام قبل الحرب، أما الآن، فلا تتوفر أجهزة تلفزيون في المخيم، وإن وُجدت في بعض الملاجئ، فإن الدخول إليها يتطلب دفع المال، وهو ما لا يملكه.

 

 

قصة مازن وصلت إلى أحد الداعمين المقربين من ريال مدريد عبر منظمة “أطباء بلا حدود”، لتأتي المفاجأة بوصول شحنة من 60 قميصًا أبيضًا للنادي الملكي، إلى جانب كرات وصور موقعة من اللاعبين. كان ذلك بمثابة حلم تحقق للأطفال الذين لم يصدقوا أعينهم عند رؤية الهدايا.

 

في بلدة أدري، حيث الوقت يمر ببطء وتكاد تنعدم الأخبار، لم يصل خبر انتقال مبابي إلى ريال مدريد إلا متأخرًا، كما يروي مازن، الذي قال إنه علم به من أحد الأطباء. أما آخر مباراة شاهدها فكانت الكلاسيكو في 6 أبريل 2023، عندما فاز ريال مدريد على برشلونة 4-0 في “كامب نو”، وكانت تلك المباراة بمثابة آخر ذكرى جميلة قبل اندلاع الحرب.

 

 

شقيقه الأصغر معاذ، الذي يبلغ من العمر 8 أعوام، يشجع برشلونة، ويرى في ميسي أسطورة رغم أنه نادرًا ما شاهده يلعب. معاذ يعاني من تناقض طريف، إذ ترتدي والدته قميص النصر السعودي الذي يحمل اسم رونالدو، وكانت قد اشترته له بدلاً من قميصه البالي لبرشلونة، وهو ما أزعجه في البداية، لكنه تقبّله مع مرور الوقت.

 

 

والدتهم، التي تراقبهما بابتسامة، تؤكد أن طفليها مصدر بهجة وسط كل ما تعانيه العائلة، وتقول إنهما يتصرفان كأفضل إخوة، لكن ما إن تطأ أقدامهما الملعب حتى يتحولان إلى خصمين لا يعرفان الرحمة. تتمنى الأم أن تتوفر في المخيم شبكة للكرة الطائرة، حتى تتمكن هي والنساء الأخريات من اللعب أيضًا، وتجدن شيئًا من المتعة وسط المعاناة.

 

 

قد تسنح الفرصة لمازن ومعاذ قريبًا لمشاهدة نهائي كأس الملك المرتقب في 26 أبريل، والذي سيجمع بين ريال مدريد وبرشلونة. بالنسبة لهما، ليست مجرد مباراة، بل احتفال ينتظراه بشغف، فهو يعيد لهما ذكريات الطفولة، ويمنحهما لحظة من الفرح. يقول مازن إنهما يلعبان دومًا “مدريد ضد برشلونة”، ومع تلف الكرة الأصلية، لجؤوا لصنع كرة من جورب محشو بالبلاستيك. في المخيم، يلتقيان بأطفال آخرين لتشكيل فريقين من 24 لاعبًا، بعضهم يعرفهم منذ أيام الجنينة، وآخرون تعرّف إليهم هناك.

 

 

رغم كل شيء، تبقى كرة القدم هي الملاذ، والنور الوحيد في هذا الظلام. قميص أو كرة بسيطة قد تكون بالنسبة لهم كنزًا، بل نافذة تطل على عالم بعيد، لكنه يمنحهم أملاً بأن الغد قد يكون أفضل.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.