النوارس نيوز
عين الحقيقة

كامل إدريس.. رجل الإجماع الوطني في السودان من هو ؟

متابعات - النوارس

متابعات – النوارس  –  أشارت مصادر مطلعة لصحيفة الكرامة إلى أن هناك توجهًا رسميًا لإصدار قرار قريب بتعيين الدكتور كامل إدريس رئيسًا لوزراء السودان، مع منحه صلاحيات تنفيذية موسعة، في خطوة تعكس رغبة جادة في كسر حالة الجمود السياسي، والانتقال نحو قيادة ذات كفاءة وخبرة عابرة للانقسامات.

 

 

 

يمثل كامل إدريس حالة فريدة في المشهد السوداني؛ فهو ليس فقط رجل قانون ودبلوماسية، بل هو أيضًا شخصية مستقلة نجحت في كسب احترام الطيف السياسي بفضل اتزانه وابتعاده عن الاصطفافات الحزبية. مواقفه السابقة وسيرته الذاتية تجعله مؤهلًا للعب دور “رجل التوازن” في بلد يبحث عن نقطة التقاء بين المدني والعسكري، وبين المركز والهامش.

 

 

 

ولد إدريس في الزورات شمال دنقلا وينتمي إلى قبيلة النوبة، وسبق أن خاض تجربة الترشح للرئاسة في 2010 كمستقل، متحديًا نظام البشير في ذروة قوته، وهو ما يكشف عن شخصية واثقة تؤمن بالإصلاح من داخل المؤسسات، لا من هوامش الاحتجاج.

 

 

بعد ثورة ديسمبر، ومع تصاعد الدعوات لحكومة مدنية، برز اسمه ضمن قائمة محدودة من الشخصيات القادرة على قيادة مرحلة انتقالية معقّدة، وقد أيده في ذلك عدد من الأصوات داخل تجمع المهنيين، خصوصًا بعد مقترح أن يتولى المجلس العسكري الحقائب الأمنية، ويُترك المجال لباقي الوزارات لشخصيات مدنية محايدة وذات كفاءة.

 

 

 

يمتلك إدريس رصيدًا علميًا نادرًا؛ فقد جمع بين الفلسفة والقانون، بحصوله على بكالوريوس فلسفة من جامعة القاهرة، وليسانس حقوق من جامعة الخرطوم، ثم انتقل إلى جنيف لنيل الدكتوراه في القانون الدولي، مع تحصيل أكاديمي متنوع من جامعات ومعاهد دولية مرموقة، ما يجعله واحدًا من القلائل الذين جمعوا بين العمق المعرفي والرؤية السياسية.

 

 

على الصعيد المهني، شغل مناصب تدريسية في جامعات كبرى مثل القاهرة وأوهايو والخرطوم، وحاز لقب أستاذ فخري في جامعة بكين، وسبق له العمل في السلك الدبلوماسي السوداني بدرجة سفير، كما كان عضوًا في لجنة القانون الدولي التابعة للأمم المتحدة، وهي مواقع صقلت حسه الدبلوماسي، وأكسبته قدرة على التحرك في المساحات الرمادية التي تتطلب حنكة أكثر من الشعارات.

 

 

لكن التحول الأكبر في مسيرته جاء مع توليه منصب المدير العام للمنظمة العالمية للملكية الفكرية (الويبو) من 1997 إلى 2008، حيث استطاع أن ينقل ملف الملكية الفكرية من النقاش الأكاديمي إلى حلبة السياسات الدولية. تحت قيادته، تحوّلت الويبو إلى منصة فاعلة، وانطلقت مشاريع طموحة لتعزيز التعاون العالمي، بما جعله أحد أبرز وجوه القانون الدولي في ذلك العقد.

 

ألف إدريس عددًا من الكتب التي عكست تداخل القانون بالفكر السياسي والاقتصادي، من بينها “مسؤولية الدولة في القانون الدولي” و”الملكية الفكرية كأداة للنمو الاقتصادي”، ما يدل على انشغاله بفهم أدوات القوة الناعمة، لا مجرد تنظير قانوني تقليدي.

 

 

في المقابل، لم تمر مسيرته من دون إشادة دولية؛ فقد مُنح أوسمة وجوائز من دول ومؤسسات مختلفة، منها ميدالية الدولة الذهبية في السودان، وأوسمة من فرنسا وروسيا والسنغال، إضافة إلى دكتوراه فخرية من عدد من الجامعات العالمية، مما يرسخ مكانته كوجه دولي للسودان الحديث.

 

 

يجيد إدريس العربية والإنجليزية والفرنسية، ويمتلك إلمامًا بالإسبانية، وهي قدرة لغوية وفكرية ساعدته على إدارة حوارات متعددة المستويات والثقافات، في وقت أصبحت فيه الدبلوماسية مهارة تتجاوز الكلمات إلى المعاني الضمنية.

 

 

اليوم، وفي لحظة مفصلية من تاريخ السودان، يُطرح اسم كامل إدريس كمرشح توافقي، لا لأنه يحظى بدعم تيار دون غيره، بل لأنه استطاع أن يُبقي على مسافة واحدة من الجميع، وهو ما قد يُشكل مفتاح عبور آمن من الفوضى إلى الدولة.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.