النوارس نيوز
عين الحقيقة

” العجوة التي أكلها صانعها “صحفية تكشف تفاصيل مُثيرة عن تجاوزات في مجلس السيادة

متابعات - النوارس

متابعات –  النوارس  –   كتبت الصحفية رشان أوشي في مقال عنوانه ” من الذي التهم صنم العجوة ” :

 

في ظل الأوضاع الراهنة التي يشهدها السودان، يبدو أن الحرب قد تطول لأعوام قادمة، خاصة في ظل ضبابية المشهد السياسي وافتقار البلاد إلى إدارة حقيقية تمثل تطلعات الشعب. وبين تقبّل الواقع والخشية من الانزلاق نحو الفوضى، يبقى أمل السودانيين معقودًا على خلق بيئة تمكّن من إعادة الحياة لهذا الوطن المنهك.

 

ومن البديهي أن يكون لكل فرد الحق في المطالبة بشروط تؤدي إلى الاستقرار، إلا أن التهاون أمام مظاهر الفساد والتجاوزات التي تُرتكب علنًا، يهدد السودان بمصير أكثر قتامة. إن السكوت عن مثل هذه الممارسات هو بمثابة مساهمة غير مباشرة في استمرار معاول الهدم.

 

 

محاربة الفساد وإصلاح مؤسسات الدولة هما السبيل الوحيد لتدارك الوضع قبل أن يفوت الأوان، إذ إن محاولات الإصلاح بعد فوات الوقت ستكون أصعب وأقل فاعلية. ومنذ اندلاع الحرب في 15 أبريل 2023 وحتى اليوم، ورغم حالة الانقسام والتردد، أبدت الحكومة بقيادة البرهان بعض المؤشرات على الاستعداد لمرحلة البناء، غير أن المطلوب منها أكبر بكثير.

 

 

في ديسمبر 2024، صدر القرار رقم (154) عن مجلس الوزراء، متضمناً تنظيم استيراد السيارات، حيث فُرضت غرامات تصاعدية على السيارات المستعملة، تبدأ بنسبة 5% للموديلات الحديثة، وتزيد كلما قدم طراز السيارة، كوسيلة للحد من تدفق العربات القديمة وتشجيع استيراد السيارات الأحدث.

 

 

لكن بدلاً من أن يستفيد المواطن العادي من هذا القرار، استغلته شبكات الفساد داخل مؤسسات الدولة، فكانت أول من بادر بتوظيفه لصالحها.

 

 

 

وفي خرق واضح للوائح والنظم الجمركية، أصدرت الإدارة العامة لجمارك البحر الأحمر، وتحديدًا في ميناء دقنة، توجيهات مباشرة من عضو مجلس السيادة عبدالله يحيى بتاريخ 13 مايو 2025، تقضي بإنزال وتخليص 22 سيارة مستعملة موديلاتها تتراوح بين 1997 و2016، يملكها شخصان تم التعرف عليهما بالأحرف (ا.ا.ع) و(م.ا.ا)، ودُفعت مقابل تخليصها الجمركي غرامة رمزية لم تتجاوز 5%.

 

ما حدث تسبب بخسائر فادحة لخزينة الدولة، وهو أمر يثير القلق، خاصة أن من أشرف على هذا التوجيه هو نفسه أحد المشرعين للقرار 154، بصفته عضوًا في المجلس السيادي الذي يضطلع بدور البرلمان المؤقت. وبذلك، فإن من شارك في صناعة التشريع، كان أول من خرقه.

 

 

 

لا يُعرف في التاريخ أن دولة تمكنت من تحقيق النصر أو النهوض وهي غارقة في مستنقعات الفساد والمحسوبية، من أعلى هرمها إلى أدنى إداراتها. الأزمة الراهنة هي اختبار حقيقي لرجال الدولة، وقد أثبت كثيرون فشلهم الذريع في هذا الامتحان الوطني.

 

 

 

على الرئيس عبد الفتاح البرهان أن يواصل مساعيه في تفكيك شبكات الفساد واستغلال السلطة، وألا يسمح لهؤلاء بجرّه إلى ذات الدائرة التي سقط فيها النظام البائد. فالتاريخ لا يرحم، ومواجهة الفساد بشجاعة أهم من محاولات إنكاره أو التستر عليه.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.