متابعات – النوارس – بدأت دولة الإمارات العربية المتحدة مؤخرًا في إصدار واعتماد جوازات سفر صادرة عن الحكومة التي أعلنت مليشيا الدعم السريع المتمردة في السودان اعتزامها تشكيلها في المناطق التي تسيطر عليها.
ووفقًا لمصادر متطابقة، فقد جرى اعتماد لونين مميزين للجوازات الجديدة، هما الأبيض والرمادي.
وأشارت هذه المصادر إلى أن بعض الدول أبدت موافقتها المبدئية على السماح لحاملي الجواز بالسفر عبر أراضيها، بعد تنسيق مسبق مع الجهات الرسمية في الإمارات.
هذا التطور السياسي جاء في وقت أعلنت فيه قوات الدعم السريع المتمردة عن نيتها تشكيل حكومة في المناطق الخاضعة لسيطرتها، حيث كان من المفترض إعلانها رسميًا يوم 17 فبراير.
غير أن المليشيا عادت وأرجأت هذا الإعلان إلى يوم الثلاثاء، مرجعة السبب إلى صعوبات واجهت وصول بعض الوفود المشاركة في مراسم الإعلان.
يأتي ذلك بينما تواجه مليشيا الدعم السريع تراجعًا ميدانيًا متسارعًا، في ظل تقدم مستمر للقوات المسلحة السودانية التي أحرزت انتصارات كبيرة خلال الأسابيع الماضية.
وقد نجحت قوات الجيش السوداني في استعادة السيطرة على عدة مناطق استراتيجية، بما في ذلك مواقع رئيسية في العاصمة الخرطوم، التي باتت على وشك أن تُعلن خالية تمامًا من الوجود المسلح للمليشيا.
هذا التطور أثار ردود فعل متباينة على المستويين المحلي والدولي، إذ حذّر مراقبون من أن اعتماد جوازات سفر صادرة عن كيان غير شرعي قد يؤدي إلى تعميق الانقسام داخل السودان، كما قد يشكل سابقة خطيرة من شأنها تقويض مفهوم سيادة الدولة. في المقابل، يرى البعض أن هذه الخطوة قد تكون جزءًا من ترتيبات إقليمية تهدف إلى إيجاد موطئ قدم سياسي لقوات الدعم السريع في المشهد السوداني، بدعم من أطراف إقليمية.
الحكومة السودانية الانتقالية سارعت إلى رفض هذه الخطوة، مؤكدة أنها لا تعترف بأي وثائق صادرة عن جهات غير رسمية، وأن مثل هذه الإجراءات تعد تعديًا على السيادة الوطنية.
كما عبّر العديد من السودانيين عن خشيتهم من أن تؤدي هذه التحركات إلى تعقيد أوضاعهم في الخارج، خاصة أولئك الذين فروا من النزاع، حيث إن حاملي هذه الجوازات قد يجدون صعوبة في التنقل، في ظل عدم اعتراف أغلب الدول بها.
على الصعيد القانوني، فإن إصدار جوازات سفر من قبل كيان غير معترف به دوليًا يمثل خرقًا للقانون الدولي، وقد يعرّض حاملي هذه الوثائق إلى الإيقاف أو الترحيل عند محاولتهم دخول دول أخرى.
إضافة إلى ذلك، فإن هذه الخطوة تفتح الباب أمام تساؤلات حول أهداف الإمارات من دعم هذه الخطوة، وما إذا كانت تسعى من خلالها إلى تعزيز نفوذها في منطقة القرن الإفريقي، أو استخدامها كورقة ضغط سياسي على السلطات السودانية.
في ظل هذه التطورات، تبدو الأزمة السودانية مرشحة لمزيد من التعقيد، بين محاولات الجيش السوداني لاستعادة الاستقرار والسيطرة على كامل التراب الوطني، وبين سعي قوات الدعم السريع إلى فرض واقع سياسي جديد عبر خطوات أحادية، بدعم محتمل من بعض الأطراف الخارجية.
وبين هذا وذاك، يبقى المواطن السوداني هو الضحية الأولى، في ظل استمرار النزوح وتدهور الأوضاع الإنسانية.
الأيام القادمة ستكون حاسمة في تحديد اتجاهات هذه الأزمة، فإما أن ينجح الجيش في إحكام قبضته على العاصمة وبقية المناطق، ويعيد بسط سلطة الدولة، أو تتواصل حالة التشظي، بما قد يفتح الباب أمام سيناريوهات أخطر، أبرزها انقسام البلاد إلى كيانات متصارعة.