متابعات – النوارس – أعلن الجهاز المركزي للإحصاء في السودان عن تسجيل انخفاض ملحوظ في معدل التضخم خلال شهر يناير 2025، حيث بلغ 145.14% مقارنة بـ 187.83% في شهر ديسمبر 2024.
وذكر الجهاز، في بيان رسمي، أن معدل التضخم في المناطق الحضرية تراجع إلى 124.26% بعد أن كان 158.62%، بينما شهدت المناطق الريفية انخفاضاً إلى 159.66% مقارنة بـ 207.17% في الشهر السابق.
وأفاد الجهاز بأن معدلات التضخم سجلت تراجعاً في جميع الولايات السودانية الثماني عشرة، حيث تصدرت ولاية غرب دارفور قائمة الانخفاض بنسبة 170.13%، تلتها ولاية القضارف بنسبة 147.40%، ثم ولاية نهر النيل التي سجلت تراجعاً بنسبة 79.70%، فيما انخفضت المعدلات في بقية الولايات بنسب متفاوتة.
ويعتمد الجهاز المركزي للإحصاء في قياس التضخم على سلة استهلاكية تشمل 663 سلعة، تمثل نمط الإنفاق لمختلف فئات المجتمع السوداني في المناطق الحضرية والريفية.
وتُوزع هذه السلة على 12 مجموعة رئيسية، في مقدمتها مجموعة الأغذية والمشروبات، تليها التبغ، الملابس، السكن، الكهرباء، الوقود، الصحة، النقل، الاتصالات، والتعليم.
وأظهرت البيانات أن إنفاق الأسر السودانية يتركز بشكل أساسي على مجموعة الأغذية والمشروبات، التي تستحوذ على 52.89% من إجمالي الدخل، بينما تمثل مجموعة السكن والمياه والكهرباء والغاز والوقود نسبة 14.17%، في حين تستحوذ مجموعة النقل على 8.34%.
ويرى مختصون في الشأن الاقتصادي أن هذا التراجع في معدلات التضخم قد يعكس بداية استقرار نسبي للأسعار، وهو ما يُمكن أن يخفف جزئياً من الضغوط المعيشية التي تواجه المواطنين.
إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحسن الأوضاع الاقتصادية بشكل جذري، إذ ما تزال أسعار السلع والخدمات مرتفعة مقارنة بمستويات الدخول، مما يحد من قدرة الأسر على تلبية احتياجاتها الأساسية.
ويُرجع خبراء أسباب هذا الانخفاض إلى عدة عوامل، من بينها تحسن تدفق السلع في الأسواق، استقرار أسعار الوقود نسبياً، وانخفاض الطلب على السلع الاستهلاكية بعد انتهاء فترة الأعياد، إلى جانب بعض التدابير الحكومية لضبط الأسواق.
ورغم هذه المؤشرات الإيجابية، إلا أن التحديات الاقتصادية لا تزال قائمة، في ظل ضعف قيمة العملة المحلية، واستمرار التقلبات في أسعار السلع عالمياً، إضافة إلى تأثير الأوضاع الأمنية على الإنتاج الزراعي والصناعي.
ويؤكد الخبراء أن استمرار هذا التحسن يتطلب اعتماد سياسات اقتصادية متوازنة، تعزز الإنتاج المحلي، وتحد من الاعتماد على الاستيراد، بما يسهم في تحقيق استقرار مستدام للأسعار وتحسين المستوى المعيشي للسكان.
في المحصلة، يمثل انخفاض التضخم في السودان خلال يناير 2025 خطوة إيجابية نحو ضبط حركة الأسعار، لكنه يظل بحاجة إلى مزيد من الإصلاحات الاقتصادية لضمان تحقيق استقرار طويل الأمد ينعكس بشكل فعلي على معيشة المواطنين.