أطلق التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة “صمود” تحذيرًا حادًا بشأن المنعطف الخطير الذي يمر به السودان، مؤكدًا أن البلاد تواجه لحظة مفصلية غير مسبوقة في تاريخها المعاصر، مع استمرار الحرب وانعدام أي سلطة شرعية تمثل إرادة الشعب. وأشار التحالف إلى أن السودان ينزلق نحو تهديد وجودي حقيقي يهدد بتفكيك الدولة وتمزيق نسيجها الاجتماعي.
وجاء هذا التحذير بعد إعلان تكتل سياسي-عسكري عن تشكيل حكومة جديدة في مناطق خاضعة لسيطرة قوات الدعم السريع، تتخذ من نيالا مقرًا لها، ما اعتبره التحالف تصعيدًا خطيرًا يعمّق الأزمة ويعزز حالة الانقسام الجغرافي والسياسي في البلاد. ولفت إلى أن هذا الواقع الجديد المتمثل في وجود سلطتين متنازعتين على الأرض يهدد بتقويض وحدة السودان بشكل كامل، ويزيد من احتمالات تفكك الدولة وتحولها إلى ساحة للفوضى.
وأكد “صمود” موقفه الرافض بشكل قاطع للحرب الدائرة، مشيرًا إلى أن استمرار النزاع لا يخدم إلا أجندات تقسيمية، ويؤدي إلى تعميق الكارثة الإنسانية، وتهديد استقرار المنطقة بأكملها. كما شدد على أن جميع السلطات التي نشأت بعد انقلاب 25 أكتوبر 2021 تفتقر إلى أي شرعية، مؤكدًا أن الأولوية يجب أن تُمنح فورًا لإيقاف الحرب وفتح مسارات المساعدات الإنسانية دون قيد أو شرط، لا لتكريس سلطات الأمر الواقع.
اتهم التحالف نظام الحركة الإسلامية بتحمل المسؤولية المباشرة عن الانهيار الراهن، واعتبره مسؤولًا عن تأجيج الفتن ورفض التعددية، وارتكاب انتهاكات جسيمة في إقليم دارفور، بما في ذلك جرائم ترتقي إلى مستوى الإبادة الجماعية. وأشار إلى أن هذا التيار ساهم في دفع البلاد إلى أتون الصراع من خلال نهجه الإقصائي وسياساته التي رسخت للانقسام.
ورحب “صمود” بأي مبادرات إقليمية أو دولية تستهدف وقف الحرب، إلا أنه أكد أن هذه المبادرات لن تكون فعالة ما لم تُقرن بعملية سياسية شاملة تُعالج جذور الأزمة، وتؤدي إلى وقف إطلاق نار مستدام، وضمان تدفق الإغاثة، وتوفير الحماية الكاملة للمدنيين المتضررين في مناطق النزاع.
ونبّه التحالف إلى خطورة تفكك السودان الكامل، في ظل الانقسامات الحادة داخل القوى المسلحة والمجتمع المدني، محذرًا من أن استمرار الحرب سيحوّل البلاد إلى بيئة خصبة للجريمة العابرة للحدود، وانتشار الجماعات المسلحة، وغياب أي مظاهر للحكم الرشيد.
ودعا “صمود” إلى توحيد جهود القوى المدنية الديمقراطية وتشكيل جبهة وطنية عريضة تعمل على استعادة السلام، وتبنّي مشروع وطني يقوم على الوحدة والحرية والعدالة. كما طالب الشعب السوداني بالتحرك السلمي والضغط على جميع أطراف النزاع لوقف القتال فورًا، وناشد المجتمعين الإقليمي والدولي باتخاذ مواقف واضحة تدعم وحدة السودان وتُسهم في إنقاذه من الانهيار.
واختتم التحالف بيانه بتأكيد رفضه التام لأي حلول عسكرية أو سلطات تفرض أمرًا واقعًا بالقوة، داعيًا إلى حوار وطني شامل يقود إلى سلام عادل ودائم، ويؤسس لمرحلة انتقالية قائمة على العدالة والمساءلة، وبناء دولة مدنية ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان وتضمن كرامة جميع المواطنين.