متابعات – النوارس – شهدت مدينة بابنوسة في غرب كردفان مواجهات دامية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع على مدار يومي 18 و19 يونيو 2025، حيث استخدمت الطائرات المسيّرة والمدفعية الثقيلة في معارك حاسمة تعد من أعنف الاشتباكات في المنطقة خلال الأسابيع الأخيرة.
أعلنت الفرقة 22 مشاة، المنتشرة في بابنوسة، أنها ألحقّت خسائر كبيرة بقوات الدعم السريع شرق المدينة، مكددةً تدمير نحو 14 عربة قتالية بواسطة ضربات دقيقة نفذتها الطائرات المسيّرة. جاءت هذه الضربات بالتزامن مع انسحاب قوات الدعم السريع من محيط المدينة، بعد أن حاولت في الفترة الماضية توسيع مناطق سيطرتها عقب تقدمات في عدة مدن بإقليم كردفان.
وأفادت مصادر ميدانية بأن الدعم السريع اضطر إلى نقل العديد من الجرحى إلى مستشفيات في الفولة وغبيش والمجلد، مما يعكس حجم الخسائر البشرية الكبيرة التي تكبدتها القوات خلال الضربات الجوية. وأكدت مصادر عسكرية لـ”الترا سودان” أن الجيش يسيطر بشكل كامل على بابنوسة، مشيرة إلى أن الدعم السريع لم ينجح طوال العام الماضي في اقتحام المدينة التي وصفها الجيش بأنها “مستحيلة السقوط”.
بابنوسة تحولت منذ عام 2024 إلى مدينة شبه مهجورة، بعد أن دفع تصاعد العنف السكان إلى النزوح إلى المناطق المجاورة، حيث يعاني النازحون من ظروف إنسانية قاسية في المخيمات ومناطق اللجوء المؤقتة. قبل ذلك، كانت المدينة مركزًا رئيسيًا للسكك الحديدية في الإقليم، إضافة إلى احتضانها لمصنع ألبان حكومي كان من أكبر المصانع في البلاد، لكن توقف نشاطه مع تدهور الأوضاع الأمنية والسياسية.
يشير الخبراء إلى أن المعركة الأخيرة تعكس طفرة نوعية في أساليب القتال، حيث أصبحت الطائرات المسيّرة أداة رئيسية في المعارك، ما يدل على تصاعد وتيرة استخدام التكنولوجيا في الصراع بين الجيش والدعم السريع. وتعتمد القوات المسلحة على معلومات استخباراتية دقيقة تمكنها من تنفيذ ضربات جوية فعّالة تعيق تحركات الدعم السريع وتكبدها خسائر متتالية في الأرواح والعتاد.
الموقع الاستراتيجي لمدينة بابنوسة يجعلها نقطة محورية في خط الإمداد العسكري بين وسط وغرب السودان، وهو ما يفسر تمسك الطرفين بالسيطرة عليها، حيث يُعد التحكم في المدينة بمثابة السيطرة على مفاصل النقل والإمداد في الإقليم.
الخسائر التي تعرض لها الدعم السريع ليست سوى جزء من حملة عسكرية مستمرة ينفذها الجيش في عدة محاور بغرب السودان، وسط استعدادات لعمليات إضافية في المستقبل القريب. وتراقب وحدات الرصد تحركات الدعم السريع عن كثب، مع حرص الجيش على منع أي توسع جديد في المناطق الخاضعة لسيطرته، خصوصًا بعد النجاحات التي حققتها القوات الجوية في صد محاولات التوغل.
على صعيد آخر، يعيش آلاف النازحين من بابنوسة أوضاعًا إنسانية مأساوية، مع نقص حاد في الاحتياجات الأساسية من مأوى وغذاء ودواء ومياه نظيفة. ومع تواصل النداءات الدولية والمحلية لتقديم المساعدات، تعيق الظروف الأمنية استمرار وصول الإغاثة إلى معظم المناطق التي لجأ إليها المدنيون هربًا من القتال.