متابعات – النوارس – شهدت العاصمة السودانية الخرطوم، الأربعاء، تصعيدًا عسكريًا كبيرًا، حيث تمكن الجيش السوداني من تنفيذ أكبر عملية اجتياح بري منذ اندلاع النزاع، مستعيدًا السيطرة على مناطق واسعة ومواقع استراتيجية كانت تخضع لسيطرة قوات الدعم السريع، ليقترب بذلك من إعلان العاصمة خالية من وجود تلك القوات.
مع ساعات الصباح الأولى، بدأ الجيش تحركاته باتجاه مختلف أنحاء الخرطوم، محققًا مكاسب ميدانية بارزة، شملت السيطرة الكاملة على جسر سوبا الذي يربط شرق الخرطوم بجنوبها، بالإضافة إلى فرض نفوذه على جسر المنشية الذي يربط شرق النيل بوسط المدينة.
في الوقت ذاته، يخوض الجيش معارك شرسة في محيط جسر جبل الأولياء، آخر المعابر التي لا تزال تحت سيطرة قوات الدعم السريع في الخرطوم.
في محلية جبل أولياء، نجح الجيش، بالتنسيق مع قوات درع السودان ومتحرك النخبة الأول التابع لجهاز المخابرات العامة، في فرض سيطرته على معظم المناطق، فيما تستمر الاشتباكات بالقرب من جسر جبل الأولياء.
وأعلن المتحدث باسم الجيش، العميد نبيل عبدالله، عن استعادة السيطرة على معسكر “طيبة الحسناب”، أحد أهم المقرات العسكرية لقوات الدعم السريع في الخرطوم، والذي كان يتعرض لضربات جوية مكثفة منذ بداية النزاع.
وأوضح أن المعسكر كان آخر معاقل قوات الدعم السريع بوسط البلاد، مشيرًا إلى أن ما تبقى من وجودها في العاصمة يقتصر على جيوب صغيرة سيتم القضاء عليها قريبًا.
وسع الجيش نطاق انتشاره في محاور استراتيجية مختلفة، حيث تمكن من إزالة تحصينات قوات الدعم السريع في مناطق رئيسية مثل شارع الستين، وشارع عبيد ختم، وشارع الهواء، ومنطقة الصحافة.
كما أعلن عن بسط سيطرته على مطار الخرطوم الدولي وصولًا إلى منطقة الصينية المركزي، مما عزز من إحكام قبضته على العاصمة.
وفي تطور آخر، تمكنت وحدات من سلاح المدرعات من فرض سيطرتها على الميناء البري وأحياء النزهة والصحافات، بينما نجح متحرك القيادة العامة في تأمين برج الاتصالات والمدخل الغربي لجسر المنشية.
وقد تداول ناشطون مقاطع فيديو تُظهر انتشار الجيش في العديد من الأحياء، وسط مظاهر احتفالية من المواطنين الذين خرجوا لاستقبال القوات بفرح.
في الوقت نفسه، نشرت منصات إعلامية تابعة للجيش مقاطع فيديو التُقطت عبر طائرات مسيّرة، أظهرت أعدادًا كبيرة من عناصر قوات الدعم السريع وأسرهم وهم يغادرون الخرطوم سيرًا على الأقدام عبر جسر جبل الأولياء باتجاه أم درمان.
وأكد المتحدث العسكري أن القوات المسلحة، مدعومة بقوات الاحتياطي المركزي ووحدات أخرى، واصلت تقدمها في شرق الخرطوم، حيث تمكنت من تطهير مقر اللواء الأول مشاة آلي في الباقير، ملحقة خسائر كبيرة في صفوف قوات الدعم السريع، سواء على مستوى الأفراد أو المعدات.
ويُعد معسكر الباقير، الواقع على الحدود بين الخرطوم وولاية الجزيرة، أحد أبرز المواقع التي شهدت مواجهات عنيفة منذ بداية النزاع، حيث كان قد سقط في يد قوات الدعم السريع التي استولت على كميات كبيرة من الدبابات والمدرعات القتالية.
وفي تطور لافت منذ يوم الإثنين، بدأت قوات الدعم السريع في الانسحاب من عدة أحياء داخل العاصمة، وسط اتهامات بارتكاب انتهاكات جسيمة ضد المدنيين، شملت القتل والنهب والاعتداءات.
يعكس هذا التراجع حالة من الانهيار في صفوفها، خاصة مع تصاعد الضغط العسكري الذي يفرضه الجيش السوداني لاستعادة السيطرة الكاملة على الخرطوم.