النوارس نيوز
عين الحقيقة

اخيراً.. ” الأصم ” يتحدث عن الحكومة الموازية ويقول (…)

متابعات - النوارس

متابعات – النوارس  –  حكومة الدعم السريع المقبلة تفتقر إلى أي رؤية أو مشروع حقيقي، وما سيُكتب في بياناتها وإعلاناتها لن يكون له أي تأثير فعلي. سيظل الدعم السريع يعتمد على قوة مليشياته، والأموال الناتجة عن تهريب الذهب، والغنائم التي يستولي عليها من المواطنين، إلى جانب دعم ونفوذ الإمارات، التي ستتحكم في قرارات حميدتي ووزرائه ومن تحالفوا معه بشكل كامل.

 

ستصبح هذه الحكومة امتدادًا للمشاريع التي تديرها الإمارات في ليبيا واليمن والصومال، والتي تهدف إلى تحقيق مصالح اقتصادية قائمة على نهب موارد الشعوب.

 

 

كما تسعى الإمارات من خلال هذه التدخلات إلى توسيع نفوذها في المنطقة واستخدام هذه الصراعات كأدوات ضغط ومساومة على المستوى الإقليمي والدولي، بغية تعزيز موقعها كلاعب سياسي واقتصادي وأمني رئيسي، بغض النظر عن الثمن المدفوع من استقرار الدول أو معاناة شعوبها.

 

 

لكن السودان حالة مختلفة، وهو ما أصبح واضحًا منذ بداية الحرب. فقد أدى دعم الإمارات للجنجويد إلى خسائر كبيرة لها على مستوى الرأي العام العالمي، وهي خسائر لم تتكبدها في أي من تدخلاتها السابقة، وستظل هذه الخسائر تتفاقم. كما أن طبيعة الدعم السريع تميزه عن غيره من الفصائل التي سبق أن دعمتها الإمارات، فهو مليشيا متورطة في أبشع جرائم الحرب، وعلى رأسها الإبادة الجماعية.

 

 

تأسس هذا التشكيل العسكري في البداية لحماية النظام السابق من الانقلابات والتمردات، لكنه تحول لاحقًا إلى كيان عائلي يسعى فقط إلى جمع الثروة، تعزيز القوة العسكرية، والسيطرة على السلطة، دون أي رؤية سياسية واضحة.

 

 

 

وخلال الحرب، حاول الدعم السريع الترويج لنفسه عبر تبني شعارات مختلفة، من القتال من أجل الديمقراطية، إلى محاربة ما يسميه “دولة 56” الظالمة، وانتهاءً بادعاء مواجهة قبائل بعينها، لكن جميع هذه المحاولات باءت بالفشل، لأن المشروع الحقيقي ظل دائمًا إنشاء دولة تخضع لسيطرة عائلة حميدتي.

 

 

ما ارتكبته المليشيا من فظائع، سواء في الماضي أو خلال هذه الحرب التي لم يسلم منها بيت سوداني، أدى إلى تغير جذري في الرأي العام الذي أصبح أكثر رفضًا للدعم السريع وانتهاكاته. ولن تنجح أي محاولات تلميع أو تبرير جرائم هذه الجماعة، حتى لو تبنت شعارات مستعارة من مشاريع عظيمة مثل “السودان الجديد” الذي طرحه الراحل جون قرنق، خاصة بعدما قرر بعض قادة هذه المشاريع تبرير تحالفهم مع الدعم السريع لدوافع تكتيكية.

 

 

لكنهم بهذا لا يضرون إلا أنفسهم، لأن القيم الحقيقية لدولة المواطنة المتساوية، والديمقراطية، والجيش القومي الموحد، ستظل أهدافًا نضالية لملايين السودانيين، وهي نفسها الأهداف التي قامت من أجلها الثورة لإسقاط النظام الذي أنشأ الجنجويد، وسمح لهم بتوسيع نفوذهم العسكري والاقتصادي والدبلوماسي.

 

لا يمكن التصدي لاستمرار الحرب أو منع سيناريوهات تقسيم السودان دون الحديث بوضوح عن الدول المتورطة في هذا الصراع. فالإمارات، ومصر، وإيران، وتركيا، والسعودية، كلها دول لعبت دورًا في تسليح وتمويل أطراف النزاع، مما حول الحرب إلى صراع بالوكالة، حيث لم يعد للسودانيين، سواء كانوا مدنيين أو عسكريين، القدرة على التحكم في استمراريتها أو إيقافها.

 

 

وستظل الحرب رهينة لمصالح هذه القوى الخارجية، التي لا ترى في السودان سوى ساحة لتحقيق أجنداتها، مهما كان الثمن الذي يدفعه السودانيون من دمائهم ومقدراتهم.

 

 

في النهاية، تفتيت السودان لن يكون فقط نتيجة لحكومة الجنجويد الموازية، بل قد يتحقق إذا استمرت نار الكراهية التي أججتها الحرب. هذه الكراهية، التي تستغلها أطراف عدة، تعمّق الانقسامات بين مكونات المجتمع، وتنزع الحقوق عن البعض على أساس مناطقهم، قبائلهم، أو أديانهم، وتمنح بعض السودانيين قيمة أعلى من غيرهم.

 

 

 

هذا الخطاب العنصري لم ينشأ مع الحرب، لكنه تفاقم بسببها، وأصبح وقودًا لاستمرارها. فكل يوم يتمزق السودان بسبب هذه الكراهية، سواء كانت هناك حكومة موازية أم لا.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.