متابعات – النوارس – يشهد السودان تزايداً ملحوظاً في الاعتماد على الطاقة الشمسية، مدفوعاً بالتعطل المزمن لأكثر من 80% من شبكات الكهرباء نتيجة الحرب المستمرة منذ أبريل 2023. ومع تصاعد أزمة الإمداد الكهربائي، اتجه العديد من السكان والمزارعين إلى الطاقة الشمسية كحل اضطراري، غير أنهم واجهوا عقبات كبيرة تهدد بعرقلة هذا التحول.
أبرز التحديات تكمن في ارتفاع أسعار أنظمة الطاقة الشمسية، التي تفوق تكلفة نظيراتها في دول الجوار بثلاثة أضعاف، نتيجة تراجع سعر صرف الجنيه السوداني، وارتفاع رسوم النقل والجمارك، إلى جانب غياب الدعم المحلي للإنتاج. كما تعاني السوق من فوضى كبيرة، بسبب غياب الرقابة الفنية ودخول معدات رديئة غير مطابقة للمواصفات عبر تجار غير معتمدين.
ويؤكد شريف عبد الله، مزارع من دنقلا شمال السودان، أن استمرار انقطاع الكهرباء دفعه إلى اللجوء للطاقة الشمسية لإنقاذ محاصيله، التي كانت تعتمد كلياً على الري الكهربائي. إلا أن التجربة لم تكن سهلة، ويقول: “واجهت تكاليف باهظة، ووجدت السوق يعج بمعدات دون جودة حقيقية، ولا توجد جهات يمكن الوثوق بها، ما جعلنا كمزارعين في مواجهة مخاطر مالية وتقنية كبيرة”.
في السياق ذاته، يشير المهندس محمد خير فضل، المختص في تركيب أنظمة الطاقة الشمسية، إلى غياب معامل الاختبار، وهو ما يفتح الباب أمام تداول أجهزة ضعيفة الكفاءة. ويضيف: “تصلنا كثير من الطلبات من مزارعين وسكان يستخدمون أجهزة اشتروها من تجار يفتقرون لأي خبرة فنية، لنكتشف لاحقاً أنها غير صالحة أو قصيرة العمر”.
من جهة أخرى، تتصاعد المخاوف البيئية مع دخول مكونات للطاقة الشمسية تحتوي على مواد ضارة، في ظل الانفلات التجاري الناتج عن ظروف الحرب. ويحذر الخبير البيئي والمستشار الأممي عيسى عبد اللطيف من أن السودان تحول إلى سوق مفتوح لمعدات ملوثة وغير آمنة، جرى التخلص منها في دول أخرى. ويضيف: “نواجه اليوم أزمة بيئية حقيقية بسبب تراكم نفايات سامة، وغياب الرقابة فتح المجال لاستيراد أي مواد دون التقيد بالمعايير البيئية أو الصحية”.
ومع استمرار غياب الحوكمة، تبدو الحاجة ملحة لوضع إطار تنظيمي صارم يضبط سوق الطاقة الشمسية، ويمنع دخول المعدات الرديئة، لضمان أن تكون هذه الطاقة البديلة وسيلة للخلاص من أزمات السودان، لا عبئاً جديداً يزيد من معاناة المواطنين.