النوارس نيوز
عين الحقيقة

قيسان تحت قصف المانجو.. عاصفة استوائية تُغلق السوق

متابعات - النوارس

متابعات – النوارس  –  في مشهد نادر طغت عليه الطرافة والدهشة، اجتاحت عاصفة محمّلة برياح نشطة مدينة قيسان الواقعة جنوب شرقي ولاية النيل الأزرق، وتسببت في تساقط كثيف لثمار المانجو من الأشجار المحيطة بالسوق الشعبي، ما دفع السلطات إلى إغلاقه مؤقتًا كإجراء احترازي.

 

 

حدث تساقط المانجو  الذي بدا غير مألوف، سرعان ما تحوّل إلى مادة دسمة للتعليقات الساخرة على منصات التواصل، حيث اعتبره البعض قرارًا “لأسباب فاكهية قاهرة”، في إشارة إلى غرابة الموقف ومفارقته للمنطق اليومي المعتاد.

 

 

أجواء المدينة امتلأت برائحة المانجو ولونها الذهبي، وتحول التسوق إلى تجربة استثنائية حين أصبحت المظلات وسيلة دفاعية في وجه “الأمطار الاستوائية” من الفاكهة. المواطنون انقسموا بين من اختار الاحتماء وبين من استسلم للضحك والدهشة، فيما التقطت عدسات الهواتف المشهد الاستثنائي وانتشرت المقاطع والصور بشكل واسع، مرفقة بتعليقات تفيض بخفة الظل، تعكس المفاجأة والغرابة التي حملها الحدث.

 

 

خلف هذه الصورة الطريفة، تكمن حقيقة أكثر جدية تتعلق بواقع زراعي غني بالإمكانات ومثقل بالتحديات. فالسودان، وتحديدًا ولاية النيل الأزرق، تُعد من أبرز المناطق المنتجة للمانجو في المنطقة العربية، بفضل تربة خصبة ومناخ ملائم يتيح موسمًا زراعيًا يمتد لنحو عشرة أشهر سنويًا. الإنتاج السنوي يناهز المليون طن موزع على عشرات الأصناف، غير أن هذا الثراء الطبيعي لا ينعكس كما يجب في الاقتصاد، نتيجة هشاشة البنية التحتية وغياب آليات فعالة للتخزين والتسويق والتصدير.

 

 

الكثير من الثمار تتلف أو تُستخدم كعلف بسبب ضعف سلاسل القيمة المضافة، ورغم محاولات محدودة لبعض المستثمرين لإنشاء مزارع حديثة تعتمد على أنظمة ري متطورة، إلا أن هذه المشاريع غالبًا ما تتعثر أمام التحديات اليومية مثل نقص الخدمات الأساسية وتصاعد الأزمات الأمنية والاقتصادية. هذا الواقع ينسحب أيضًا على قيسان، المدينة الحدودية ذات الطبيعة الاستوائية، التي تغذيها مياه خور تمت القادم من المرتفعات الإثيوبية، وتشكل بيئة مثالية لزراعة المانجو بكثافة طبيعية لافتة.

 

 

 

الحدث، رغم طرافته، يفتح نافذة تأمل في الإمكانات المهدرة، ويعكس المفارقة بين وفرة الإنتاج وسوء التوظيف. ما بدا وكأنه فصل ساخر من يوميات قيسان، هو في جوهره تذكير بضرورة إصلاح شامل يعيد الاعتبار للقطاع الزراعي، ويحوّل هذا الرصيد الطبيعي الهائل إلى قيمة اقتصادية حقيقية ومستدامة، بدلًا من أن يبقى عالقًا بين الكوميديا والواقع المتأزم.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.