متابعات – النوارس – يرى عمر الدقير، رئيس حزب المؤتمر السوداني، أن التعامل مع تدشين مشروع الحكومة الموازية في نيروبي بسطحية أو لامبالاة يُعد خطأً كبيرًا، بينما يمثل التقليل من خطورة وجود حكومتين في البلاد خطأً أكثر فداحة.
وأوضح أن السودان يعاني منذ استقلاله من أزمة في تحقيق التكامل الوطني بسبب غياب توافق عام على مشروع وطني قادر على إدارة التنوع، وتحقيق التنمية المتوازنة، وضمان الحقوق والحريات، بدلاً من استخدام أدوات القمع لمواجهة المطالب المشروعة للأفراد والجماعات.
ورغم موقف حزبه الرافض لمبدأ الحكومة الموازية، إلا أن إنكار وجود قوى سياسية ومجتمعية تدعمها لا يعد سوى تجاهل للواقع. وأشار إلى أن المواطنين في المناطق الخاضعة لهذه الحكومة قد يجدون أنفسهم مضطرين للتعامل معها كسلطة أمر واقع، مما يعزز المخاوف من أن البلاد باتت على طريق التقسيم، خصوصًا مع تزايد التدخلات الداخلية والخارجية لدفع هذا الاتجاه.
وألقى باللوم على قوى النظام السابق، التي لم تتعلم من تجربة انفصال جنوب السودان، حيث اعتقدت حينها أن ذلك سيحسم إشكالية الهوية والتنوع، لكنها في الواقع أوجدت بيئة استبدادية تستغل الدين لفرض هيمنتها، مع استمرار الفساد والقمع.
وعند الحديث عن شرعية الحكم، أشار الدقير إلى أن الأحداث الجارية في بورتسودان ونيروبي تعكس أحد أوجه الصراع السياسي في السودان. وأكد أن انقلاب 25 أكتوبر 2021 قد أطاح بالشرعية المستمدة من ثورة ديسمبر، لكنه لم يتمكن من تأسيس شرعية بديلة بسبب الرفض الشعبي الواسع، والذي تجسد في الاحتجاجات والتضحيات الكبيرة.
وذكر أن قادة الانقلاب أنفسهم أدركوا هذه الحقيقة عندما وقعوا على الاتفاق الإطاري، الذي لم يكن سوى محاولة لإنهاء الانقلاب وإعادة مسار الانتقال الديمقراطي، وهو ما جعلهم يوقعون عليه بصفتهم العسكرية، وليس استنادًا إلى أي شرعية دستورية مرتبطة بالثورة.
وأضاف أن الشعب السوداني، الذي يواجه التشريد وانعدام الأمن وصعوبة الحصول على ضروريات الحياة، لا يمكن أن يكون جزءًا من هذا الجدل حول الشرعية، مما يجعل المشهد أقرب إلى “مولد وصاحبه غائب”.
وأكد أن الشرعية لا تُكتسب عبر حكومات موازية أو تعديلات على وثائق دستورية منتهية الصلاحية، بل تتحقق من خلال وقف الحرب وإعادة بناء الفضاء المدني، بما يضمن التوصل إلى توافق وطني حول سلطة انتقالية تتمتع بشرعية مؤقتة، وتُهيئ الأجواء لشرعية انتخابية خلال فترة زمنية محددة.
وفي ختام حديثه، شدد الدقير على أن الأولوية القصوى في هذه المرحلة يجب أن تكون وقف الحرب، لحماية السودان من كارثة إنسانية كبرى، وضمان وحدته ومنع انزلاقه إلى التقسيم.
وأكد أن الشرط الأساسي لتحقيق هذا الهدف هو توحيد القوى المدنية في موقف مستقل عن أطراف النزاع، يُعبّر عن الإرادة الشعبية الرافضة لاستمرار الحرب.
كما دعا إلى حوار وطني شامل يعالج القضايا العالقة منذ عقود، بهدف التوصل إلى مشروع وطني جديد ينهي الفشل المتراكم منذ الاستقلال، ويؤسس لدولة توفر حياة كريمة لجميع مواطنيها دون تمييز.